الخميس، 12 أغسطس 2010

التخطيط اللوجستي : الحلقة المفقودة في الجيوش العربية ؟

ملاحظة المترجم : هذه المقالة هي مقالة مترجمة بتصرف بسيط من قبلي ، الكاتب الأصلي أمريكي و مقالته هذه لا تخلو من بعض التحامل  وهي  إنما تعبر عن رأي الكاتب الشخصي ولا تعبر بالضرورة عن رأيي الشخصي . أوردها هنا حتى يكون لدينا فكرة و لو بسيطة عما يفكر به الآخر .




فبراير / ١٨ / ٢٠١٠  -  أحد أهم أسباب ما يعتري معظم الجيوش العربية من ضعف في الفعالية و التمرين إلى درجة مخيفة هو ضعف التخطيط اللوجستي لدى هذه الجيوش أو حتى إنعدامه في بعض الحالات ! . تواصل الإمدادات للقوات في الجبهات بسلاسة و يسر أمر تأخذه معظم الجيوش الغربية كأحد البديهيات المسلم بها ، لكن في حالة العرب فإنهم لا زالوا متخلفين في هذه النقطة عن رفاقهم الغربيين .

لعل النقاش المحتدم الذي يجري بين الضباط الأمريكيين عند ذكر موضوع مساعدة الجيش العراقي الجديد في بناء نظام فعال للدعم اللوجتسي هو خير دليل على أهمية هذ الموضوع ، حيث تواجههم مشكلتين كبيرتين . الأولى ، هي أن الأمريكان و خلال العقدين المنصرمين قد أتموا حوسبة نظام الدعم اللوجستي عندهم بالكامل ، حيث كل شيئ يسجل في الحاسب الآلي ويتم تنسيقه من خلاله وهذ الأمر من الصعب تطبيقه في الوضع العراقي ، ليس الآن على الأقل ، بحكم قلة عدد أجهزة الحاسب الآلي المتوفرة أو قلة العارفين بها . فنجد مثلا ً أن الحاسبات الآلية عند توفرها فإن الضباط الكبار هم من يستحوذ عليها لما يعتقدونه من رمزية لمكانتهم العالية عندما يوجد الحاسب الآلي فوق مكاتبهم ، حتى وإن كانوا لا يتقنون إستخدامها جيدا ً ! . المشكلة هي أن الجيش السابق ( قبل ٢٠٠٣ ) لم يكن لديه نظام فعال للإمداد و التموين ، حتى أننا نجد مثلا ً أن التجار العراقيين لديهم سجلات يدوية تسجل فيها كل شاردة وواردة من بضائعهم و تجارتهم ، لكن في الجيش السابق لا نجد أي شيئ يقارب هذه السجلات اليدوية في فعاليتها و شموليتها .

هذا الأمر حدى بالجيش الأمريكي [ المحتل ] لنبش أنظمته القديمة في هذا المجال و إعادة تعلمها و تعليمها للضباط الأمريكان ( الذيت عودوا على النظام الجديد ولم يعرفوا غيره ) الذين بدورهم ينقلون تجربتهم لضباط الجيش العراقي الجديد . الكثير من كتب الإرشادات القديمة للجيش الأمريكي تم إستخراجها من الإرشيف و ترجمتها للعربية ومن ثم توزيعها على الجيش العراقي لكن هذه العملية تتم ببطئ شديد الأمر الذي يمثل مشكلة كبيرة بحكم أن الأمريكان في طريقهم للخروج من العراق بحلول ٢٠١١ وتسليم مهامهم للقوات العراقية . 

لعل هذه المعضلة ليست بالجديدة على الجيش العراقي أو حتى الجيوش العربية الأخرى في العالم العربي بشكل عام . حل هذه المعضلة أصبح أكبر تحدي للجيش الأمريكي  والقوات الغازية الأخرى في محاولتهم لخلق جيش عراقي فعال يعتد به . فأمريكا الآن أمضت أربع سنوات في سعيها لخلق هذا الجيش لكن الفساد و "العادات السيئة القديمة" تقف عائقا ً في وجه هذا المسعى ، أو لعلها "لعنة" تمنع الجيش العراقي من لم شتات جهوده و تشكيل نظام تمويني فعال ! 

قادة التخطيط اللوجستي في العراق و في هذه المنطقة بشكل عام يواجهون العديد من المصاعب في محاولتهم تشكيل نظام فعال ناجح للتموين والأمداد ، ولعلهم معذورون في بعض ذلك لأسباب وجيهة لعل أحد أهما هو أن هذ العملية باهضة الثمن ! . 
حتى مع توفر كل "أموال النفط" فلا أحد يرغب في إستثمار الأموال الطائلة في محاولة بناء قدرات لوجستية لتوصيل المعدات و التموين اللازم للجنود في معركة قد لا تحدث أبدا ً ! .

لو نظرنا من منظور تاريخي ، فإننا نجد أن  معظم الدول في العالم العربي تنظر لجيوشها على أنها قوات لحفظ الأمن الداخلي و ليس لدرء الخطر الخارجي . عامل مهم أيضا هو  أن نقص الأمدادات يعد لدى كثير من هذه الدول صمام أمان يمنع هذه القوات من الثورة على القيادة السياسية ، فنجد أن القليل من الوحدات ( المختارة ) لديها إمداد وفير لا ينقطع من المعدات و الذخيرة و الوقود ، وهذه الوحدات تختار بعناية حسب ولائها للقيادة لتسخدم في صد إنقلاب داخلي في الجيش .

لو نظرنا إلى حربي صدام ، فإننا نجد المصاعب التموينية واضحة جلية . ففي ١٩٨٠م ، في الحرب ضد إيران ، نجد أن الجيش العراقي مان مزودا بما يكفيه للإستيلاء على آبار النفط المقابلة للحدود العراقية و القريبة جدا منها ، مما لم يسمح للجيش العراقي بالدخول في عمق إيران و تهديد طهران تهديدا ً حقيقيا ً ، لم تكن المشكلة شجاعة الجندي العراقي أو ضعف تسليحه ، بل الكابوس اللوجستي التمويني . و عندما ننظر لحرب غزو الكويت في ١٩٩٠م ، نجد أن الغزوا كان ناجحا ً لكن شهود عيان يخبروننا بأن الجيش العراقي إعتمد بعد الغزو على ما يستولي عليه من الكويت و من متاجر الكويت و ذلك لضعف الدعم اللوجستي من بغداد الأمر اللذي سهل عمل قوات التحالف في طرد الجيش العراقي من الكويت .

على الرغم من وجود العديد من الضباط العراقيين ممن لديهم الخبرة العسكرية الكافية فإننا نجد القليل فقط ممن لديه الخبرة في مسألة التموين و الإمداد . مما دفع قوات التحالف [ المحتلة ] للبدء من الصفر مع العراقيين قي محاولة بناء نظام فعال للتموين ، ففي الوقت الحالي يتكفل بعمليات تموين الجيش العراقي كل ن القوات الأمريكية و قوات التحالف الأخرى حسب المستطاع ، مما يجعل القوات و الوحدات العراقية الجاهزة و المستعدة إستعدادا ً تام قليلة و غير كافية في الوقت الحالي .

هناك بالطبع عامل الفساد ، الذي ينخر في دول الشرق الأوسط نخر الدود في الجثة الميتة . مما يدفع الكثير في ذلك الجزء من العالم في عدم الإستثمار في هذا القطاع المهم هو علمهم أن البضائع و المعدات التي ستشترى و توفر سينتهي بها الحال إلى السرقة أو التلاعب بها من قبل الفاسدين . فحكام تلك المنطقة لا يتعلمون دروسهم أبدا ً ، بل يواصلون إرتكاب أخطائهم مرة بعد أخرى و بدون توقف أو إتعاظ ! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق